المكتب الرئيسي عدن

أهرب كلّ يوم

لا يحتاجُ البحر إلى سفن

على مدى حياةٍ طويلة
سعيتُ لاستبدال الضّوء بالعَتمة
ولم يتغيّر هذا العالم،
تغيّرت النّوافذ
التي أرى منها العالم
ونخَرت هذه الرُّوح جَسدها
حتى سوَّس.
لا تحتاجُ الصَّحراءُ إلى عواصف
لكنّها تستعينُ بها لترتيب تِلالها.
لا تحتاجُ الغاباتُ إلى فيضانات
لكنّها تنتظرها أعوامًا لتقتلع فِخاخ الصيّادين.
لا يحتاجُ البحرُ إلى سفن
لكنه يحمِلُها بصبرٍ ليقفَ العاشقون
على سطحها
يراقصون ظلالهم اللّيلية
على مَوجِه
ليتوازن العالم.

■ ■ ■

هروب

في الرّابعة عشرةَ،
هربتُ
بيأس المحكوم بالمؤبّد.
على كتفيّ
حقيبةُ قماشٍ
حَمَّلتها
أشيائيَ الثّمينة:
صورًا، دفترَ ذكريات، أفضلَ ملابسي
وخمسةَ عشر درهمًا.
الآن، أضعُ عمري كلّه
على ظهري
وأهرب كلّ يوم.
في الرّابعة عشرة
وهبتُ أيّاميَ المستعملة
للمجهول.
أخذتني صُدف “التكّاسي” البيضاء
التي رتّبت هروبي وحدها
إلى عرسٍ جبلي.
رقصتُ بين رجالٍ
نزلوا السّاحة
تمايلوا على عوائي
كأنّني الذّئبُ الذي خرج
وحده من الكهف.
رقصتُ
والخوف يكسر قصب جسدي
يُفشل حلمي الهارب
كأنّ سماء الأحلام
قبر أو تابوت أُغلقَ للأبد
الآن، أُخطّط بيدي
الآن، أرقص وحدي
الآن،
أضعُ عمري كلّه
على ظهري
وأهرب كلّ يوم.

عبد الحي ملاخ

Comments are closed.