“الموت والزَمن”: أفكار متعدّدة في مسألة واحدة
يتنوّع طيف اهتمامات الكاتب التونسي مصطفى الكيلاني بين عدة مجالات، مثل الرواية والنقد الأدبي والثقافي والفكر، وهو ما يبرز في قائمة إصداراته، ومنها نذكر: “إشكاليّات الرواية التونسيّة” (1990)، و”وُجُود النصّ- نصّ الوجود” (1992)، و”ثقافة المعنى الأدبيّ” (2002)، و”نداء الأقاصي، القصيدة والتأويل” (2004)، و”مرايا العتمة، قصيدة النثر ومستقبل الشعر العربي” (2009)، و”الإنتلجنسيا التونسية” (2018)، و”الفلسفة والدين” (2020).
يأتي العمل الأخير للكيلاني بعنوان “الموت والزَمن”، وقد صدر مؤخراً عن منشورات “لوغوس”، وفيه عودة لسؤال كبير شغل الفلاسفة على مدى عصور ويرسم المؤلف ملامح هذا النظر في مسألة الموت بالعودة إلى نماذج من ثقافات متعدّدة.
نلمس هذا التعدّد منذ أن نطالع فهرس الكتاب الذي ينقسم إلى أربعة فصول هي: “الموت في العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي”، و”الموت في الفكر الغربي المعاصر”، و”مفهوم الموت تخصيصاً بمارتن هيدغر”، و”مفهوم الموت تخصيصاً بفلاديمير جانكلفيتش”.
ومن تقديم الكتاب نقرأ: “ما تَبَيَّن لنا عند قِراءَة كُلٍّ مِن ابن عبد ربّه الأَندلسيّ ومارتن هيدغر وفلاديمير جانكلفيتش أَنَّ المَوْتَ واحد، وإنْ بَرَز تَمَثُّلان أَساسِيّان للزمن: عامّ مِيتا- فيزيقِيّ يَعْتَبِرُ المَوْت نهايَة وبِدايَة، أَيْ بوّابة تفتح على زَمَن آخر بَعْد الزَمَن الوضعِيّ، كأن يفتح المَوْت على حَياة جَدِيدَة تبدأ بِأحداث القبر فَالبرزخ ثُمّ الانتِقال إلى العالم السَماوِيّ. وهذا التَمَثُّل يُعَلّل الجَزَع والتَفَجُّع مِنه خشيَة ما ينتظر المُسلم المَيّت مِن حَياة مجهُولَة، وإنْ تَحدّد بعض أحداثها تَشمِيلا لا تفصِيلا، وآخر زَمَنِيّ وضعِيّ، ذَلِك أَنَّ المَوْت لدى مارتن هيدغر، وفي الفَلْسَفة الغربِيّة المُعاصِرة عامَّةً هُو مَفهُوم مُقترن بِالوُجود، وما المَوْت إلَّا نهاية، بل نهايَة أَخِيرَة. ولهذا المَوْت دَلالَة إيجابِيَّة، فهو يُحَفّز الكائِن البَشَرِيّ على الحَياة (…) ولِفلاديمير جانكلفيتش تَمَثُّله الأَبْعد تخصِيصاً آنَ التفكِير العَمِيق، في لحظته الاستثنائِيّة المُختلفة عن كُلّ اللَّحظات المُتتابعة في سَيْرُورة الزَمَن الوُجودِيّ”.
سوسة
Comments are closed.