أمسية نقدية لادباء الجنوب لتقويم قصائد لشعراء جنوبيين
عدن/ علاء عادل حنش
نظمت الأمانة العامة لاتحاد أدباء وكتاب الجنوب مساء يوم الاثنين 27 مايو / أيار 2019م، الموافق 22 رمضان 1440 هـ أمسية نقدية كُرست لمقاربة وتقويم النصوص الشعرية التي قُدمت في الأمسيتين الشعريتين السابقتين خلال الأسبوعين الماضيين من شهر رمضان.
واستهل الفعالية، التي أُقيمت في مقر الاتحاد الكائن بخور مكسر في العاصمة الجنوبية عدن، رئيس الدائرة الثقافية لاتحاد أدباء وكتاب الجنوب الدكتور عبده يحيى الدباني بالترحيب بالحاضرين.
وأكد أن للفعالية أهمية بالغة من خلال النقد الذي سيقدمه الدكاترة الأعزاء، والذي سيتمخض عنه استفادة للشعراء الشباب الجنوبيين الذين ألقوا قصائدهم في الأمسية الماضية.
وأشار الدباني إلى أن الفعالية بمثابة تتويج للبرنامج الثقافي الرمضاني الذي نظمته الأمانة في الاتحاد.
بعدها، أنتقل الحديث للدكتور محمد علي يحيى، الذي أدار الفعالية، حيث قال أن الفعالية هدفها تقويم النصوص الشعرية التي قُدمت في الأمسيتين الشعريتين السابقتين من قبل كلٌ من (الدكتور سالم السلفي، والدكتور صالح الوجيه،
والأستاذ بدر العرابي).
وأضاف: “لا يجب علينا أن نفرض ممرات مرمرية رخامية من حيث انهُ لا يمكن الخروج عن هذا وذاك، بل يجب ان نعطي المجال، وأن نعطي الناس حرية الابداع”.
وتابع: “الشعر سيكتب اسمه، والجيد سيبقى، والشعر هو الشعر سواء كان عموديًا أم قصيدة نثر أم قصيدة تفعيلة.. فالشاعر المريد سيكتب شعرًا جيدًا بأي شكلٌ من الاشكال”.
واستطرد: “لا يوجد هناك شعر (ماركة مسجلة)، من حيث اننا سنعرف ان هذا الشعر لهذا الشاعر.. فأنا لا أجد في العربية إلا ثلاثة شعراء يمكن أن وجدت شعرهم بدون عنوان أعرف ان هذا الشعر لهم، وهم (محمود درويش، وأحمد شوقي، ونزار قباني)، أم كثير من الشعراء لا نستطيع تمييز أشعارهم أن كانت دون عناوين.
بعدها، استهل الدكتور سالم عبد الرب السلفي تحليله النقدي للنصوص بالتأكيد على أن “كل النصوص التي أُلقيت، شعرية لا غبار عليها، ولكنها تتفاوت في المنزلة بسبب تفاوت الخبرات الإبداعية لاصحابها”.
وقال: “سأكتفي بوضع ملاحظات نقدية عامة؛ أنطلق فيها من تعاملي مع النصوص بوصفها نصًا واحدًا”.
وأضاف: “لقد ساد الانسجام وروح التعايش في الامسيتين بين الأجيال الشعرية الشابة، التي كانت لها الغلبة من حيث العدد، والأجيال السابقة، بالإضافة الى روح الأبوة التي لمستها في الجيل السابق، إلى جانب هيمنة الاتصال على الانقطاع لدى الشعراء الشباب مع الأجيال الشعرية السابقة؛ فلم أر في النصوص الشعرية خروجًا صارخًا عن النسق الشعري السائد، مثلما حصل من انقطاع بين الأجيال السابقة مع من سبقهم، بالإضافة إلى كل ما سبق فإن الحوارات التي كنت أراها تدور بين الأجيال الشعرية قبل الفعالية الماضية وبعدها، والتي تكشف عن تجاوز العلاقة المتوترة التي تسود عادة في صراع الأجيال، حيث يتخندق كل جيل في أيديولوجياته ومقولاته وأفكاره وموضوعاته”.
وتابع: “مما لفت انتباهي الحضور النسوي اللافت، بالإضافة إلى النكهة المختلفة للشعر النسوي، وأيضًا التنوع الذي خلق نوعًا من الحيوية على الأمسيتين الشعريتين، وقد تجلى التنوع من خلال تنوع الأشكال من حيث وجود قصائد عمودية وأخرى سطرية وأخرى نثرية، بالإضافة إلى تنوع لغة الكتابة وتنوع أطوال النصوص، الى جانب تنوع الموضوعات وكان أهمها الوطنية الحماسية التي تقترب من قضية الجنوب، والقضايا المتواترة في الساحة”.
وأكد السلفي أن “هناك تدني في مستوى الإلقاء عند كثير من الشعراء، ويتجلى في (اللحن، النغمة الموحدة، إهمال التعبير عن المعنى)، بالإضافة الى طغيان الكتابي على الشفاهي”.
وأختتم السلفي نقده بالإشارة الى ان هناك “تآلف للشعر مع الفنون الأخرى كالموسيقا والغناء من خلال اعتماد البعض على الموسيقى كداعم في إلقائه للنص، والتغني في أثناء الإلقاء”
من جانبه، قال الدكتور صالح الوجيه: “إن قراءتنا النقدية للنصوص الشعرية التي ألقيت في الأمسيتين السابقتين لا تتضمن اختبارًا لقيمته الجمالية قياسًا إلى نص أخر”.
وأضاف: “لم يكن القصد من حضور القراءة النقدية اصدار أحكام بالجودة والرداءة، وأفضلية هذه القصيدة أو تلك؛ بل القصد قراءة توجيهية تدفع الشباب الشعراء إلى الاتجاه المطلوب”.
وتابع: “إن الأدب لا يصبح حقيقة أدبية إلا عندما يتم تلقيه من قبل قارئه وتفاعله معه.. والعمل الأدبي يحمل في طياته بذور تلقيه، ويمكن الوصول إلى معناه عن طريق عملية التفاعل بين هذه البذور النصية والقارئ”.
واستطرد: “لا بد للشعراء الشباب أن يدركوا ضرورة أن الشعر لا يُفسر بكونه منزلًا في ثقافة شفوية.. ولا يكون النص الشعري مشتملًا على شروط الإبلاغ الحسن، وهي المغيرة عند الأقدمين؛ لأن ذلك ينفي دور المتلقي، بالإضافة إلى ان على الشاعر مراعاة العلاقة بين النص والواقع، وهي في العادة تقوم على أنساق فكرية أو نماذج للواقع لا يحاكيها النص ولا يحيد عنها في الوقت نفسه”.
وأكد الوجيه أن على الشعراء مراعاة عناصر التواصل، وأفق انتظار المتلقي والمقام.
وأشار إلى أن “قراءة النص الشعري عملية تفاعلية حوارية بين القارئ والنص، حيث أن القارئ طرف خارجي يحمل معارف وتصورات ومواقف متعددة، فيما النص بما يحمله من بُنى داخلية وتصورات ورؤى متعددة”.
وأختتم الوجيه نقده بالتأكيد على أن “النص الشعري موسوم بطموح صاحبه وذاتيته ومشاعره وأحاسيسه، لذا فإن قراءتنا للنصوص تذهب إلى التقاط بعض الخاصيات التي يمتلكها كل شاعر”.
بدوره، قال الأمين العام لاتحاد أدباء وكتاب الجنوب الأستاذ بدر العرابي أن: “جميع الشعراء خلقوا الدهشة لدى المتلقي (القارئ)، حيث أن لهذه الدهشة مستويات منها (دهشة مستقرة، ودهشة صاعدة لم تقف عند حد، ودهشة مراوحة بين الاستقرار والصعود)”.
وأضاف: “لقد كان حضور الشعراء قويًا، حيث أن الشاعرية هي الحضور الابداعي في رقعة المتلقي الجمعي ولهُ عدة عوامل، بالإضافة الى التأليف من خلال انتاج الدواوين والاستمرار في الانتاج والتوزيع، حتى يغدو انتاج الشعراء قبلة للدارسين والاكاديميين”.
وتابع: “أهم ما استنتجته من قرآءتي للنصوص إننا يمكن تصنيفها في ثلاثة محاور هي: “ممارسات مستقرة الدهشة، وممارسات، شعرية بين الاستقرار والصعود، وممارسات شعرية صاعدة الرؤية والدهشة)”.
واستطرد: “هناك تماسك نصي في غالبية النصوص، أما فيما يخص العنوان فبعض النصوص موفقة في اختيار العنوان”.
وأكد العرابي أن “الأدب النسوي كان لافتًا، وقد كانت نصوص الكاتبات مفتوحة ما يدل على طغيان هاجس البحث عن التحرر والحرية من التعسف النوعي الذي يعانينه”.
وأشار إلى أنه من الضروري على الشعراء محاولة توسيع رقعة التلقي من خلال النشر في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي والمدونات الشخصية في جوجل وغيرها، بالإضافة إلى ضرورة احترام ذهنية المتلقي، والوقوف على ضفة راقية تشبع نهم المتلقي ولا تتعسفه.
واختتم العرابي نقده بالقول:” أنه من الضروري بمكان الاهتمام بعنوان القصيدة، والاهتمام بالنهايات، بالاضافة الى الاهتمام بتثقيف الفكر الذاتي للناص، والتحلي بروح المغامرة، إلى جانب أهمية الانتاج المستمر، واصدار الدواوين؛ كي يغدو إنتاج الشاعر في متناول المتلقين وبرقعة متسعة وممتدة من التلقي”
بعدها فُتح المجال للمداخلات في الفعالية التي حضرها رئيس اتحاد وأدباء وكتاب الجنوب الدكتور جنيد محمد الجنيد وعدد من الأدباء والمثقفين الجنوبيين، حيث بدأها الشاعر والمترجم الأستاذ شوقي شفيق بالتأكيد على أنه “ليس من الضروري أن نقول على الشعراء فعل كذا وكذا، بل نقول نتمنى من الشعراء فعل كذا وكذا”.
واضاف: “فيما يخص طباعة الأعمال الشعرية، فلدينا فقر حقيقي في المطابع من خلال عدم وجود مطابع، لذا فأنه من الممكن أن يتبنى اتحاد أدباء وكتاب الجنوب، بل نتمنى أن يمتلك الاتحاد مطبعة خاصة به، ولدينا الثقة الكاملة في الاتحاد فيما يخص هذا الأمر”.
بدوره، قال نائب رئيس اتحاد وأدباء وكتاب الجنوب فرع العاصمة عدن الدكتور يحيى شائف الشعيبي: “اليوم تقع على عاتق الناقد الجنوبي تشخيص الشعر، وإعطاء الشعراء رؤية جديدة، وتحفيزهم على التجديد، فالعالم تجاوز مرحلة الحداثة”.
وأضاف: “يجب أن تكون هناك محاضرات فكرية وأدبية عن طبيعة النظام العالمي الجديد، وانعكاساته وتجاذباته، فالشاعر يعبر عن أفكاره ومشاعره ورؤيته، ولا يعبر عن الحدث بل عن أثر الحدث، لذا فأنه من الضروري أن تكون هناك رؤية واضحة لدى الشاعر الجنوبي”.
وتابع: “بصراحة طمأنني الجهد المبذول، من خلال التأكيد على اننا نمتلك نقاد عظام في الجنوب”.
وأكد الشعيبي أنه من الضروري على الأدباء والمثقفين الجنوبيين أن يعرفوا العالم أجمع بماهية القضية الجنوبية وأهميتها من خلال قصائدهم وكتاباتهم الأدبية.
من جانبهم، قدم بعض الشعراء الشباب مداخلات مقتضبة أثنت بمجملها على جهد النقاد في قراءة ونقد اعمالهم الشعرية.
وقالوا ان الاهتمام الكبير الذي حضيت به قصائدهم الشعرية يعطيهم الحافز القوي نحو الاستمرارية وانتاج ما هو أفضل واقوى.
وأكدوا أن توفير المطبعة لطباعة اعمالهم الشعرية والأدبية يعتبر مطلب رئيسي لهم، مشيرين إلى أن ذلك سيعزز من تواجد الأديب والمثقف الجنوبي في المحافل المحلية والعربية والدولية.
Comments are closed.